إذا صحت الأرقام التي أوردها بعض الكتاب في صحافتنا المحلية، من أن عدد المدينين الجدد في بلادنا، قد ارتفع بنسبة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة، فإننا ربما نعايش وضعا أعتقد أنه سيذكرنا بأزمة الديون التي لاحقت الأمريكيين قبل سنوات، وتسببت في أزمة اقتصادية عاتية. لأنه وحسب الأرقام المنشورة قبل فترة للزميل عبد الله صايل، في صحيفة (اليوم)، فإن ارتفاع نسبة القروض الشخصية للمواطنين من 285.5 مليار ريال بنهاية العام 2012م، إلى 315 مليار ريال، خلال أقل من عام، فإننا نتحدث عن زيادة في ديون الأفراد بقيمة تعادل 30 مليار ريال تقريبا، وهذا يعني أيضا أن نصيب كل مواطن سعودي مقارنة بعدد السكان، البالغ 20 مليونا، سيتجاوز 15 ألف ريال من هذه الديون.
ربما يكون صحيحا أننا في ذيل القائمة الخليجية، من حيث القروض الشخصية، ولكن هذا لا يعفينا من التساؤل حول حجم التسهيلات البنكية، التي تجعل من كل مواطن مديونا رغم أنفه، بسبب ضغوط الحياة ومتطلباتها شديدة الإلحاح، والتي تجعل من الاقتراض ـ تحت أي ظرف ووفق أي شرط ـ وسيلة سهلة للتغلب على هذه المصاعب.
وربما يقول بعض الاقتصاديين، إن معظم مديونياتنا الشخصية، ليست بهدف استثماري، ولكنها لتلبية الحاجة الاستهلاكية للشخص، والتي ترتبط بفوائد بنكية لا يُستهان بها، حتى لو تم التحايل عليها، بشكل ما، وهذا مأزق آخر، لا ينبغي الاستهانة به، قد يدفعنا لإعادة التفكير في طريقة وأداء صناديق التنمية المتعددة بأوعيتها المختلفة، ودورها في تفعيل المشاريع الاستثمارية الفردية كالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
قد يقول كثيرون إن القروض الشخصية، تأتي عونا في لحظات معينة، وهذا صحيح، ولكن يجب أن لا ننسى تبعاتها المرهقة، التي تمثل عبئا آخر، قد يعجز عن الوفاء به كثيرون، خاصة مع وجود نماذج تسيء التصرف، لا ننكر أن من بينها من كان يقترض ليذهب في رحلة ترفيهية أو سياحية للخارج، يعود منها بعد أيام مثقلا بهموم السداد.
المشكلة التي لا أرى لها حلا.. تكمن في كيفية ترشيد هذا الاقتراض، بعيدا عن وسائل الإغراءات المتعددة، التي تشجع الفرد على أن يكون «مديونا» بمزاجه ووفق أهوائه.. قبل أن نتحول جميعا لمديونين نمشي على هذه الأرض، مثقلين بما يضيق به الرجال، والنساء أيضا.