• 03:14:58pm

أحدث الموضوعات

ثقافتنا الإسلامية وإجراءات الأمن والسلامة

تعليقات : 0

أصداء الخليج

د. عادل رشاد غنيم

تابعت باهتمام فعاليات الملتقى العلمي الثاني للسلامة والصحة بمؤسسات التعليم العالي الذي انطلق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأنهى أعماله بالأمس، ولأن السلامة أصبحت علمًا وقضايا تُدرس بالجامعات، فقد أظهر الملتقى أن الجهود حثيثة وماضية في مجال كراسي البحث لتطوير الأداء، وأن هناك حماسًا لدعم الكراسي، خاصة من الشركات الكبرى كشركة أرامكو، وسابك، والكهرباء، ولكن أيضاً هناك عدة كراسي مدعومة من رجال الأعمال، والمجال مفتوح لكل من يريد تقديم الدعم لتلك الكراسي العلمية.
إن سلامة البيئة تعني الحماية والوقاية من مصادر التهديد والمخاطر والترويع والإيذاء، وهو مطلب حيوي لكل الناس، أن يعيشوا في بيئة آمنة. تسلم لهم دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، بيئة يتحقق فيها المبدأ الشرعي في الحديث (لا ضرر ولا ضرار.

ومن المعيب قلة الاكتراث أو غياب الوعي والاهتمام بهذا الجانب المهم لدى كثير من أفراد المجتمع، مما يتسبب في أضرار جسيمة، مع أن ثقافتنا الإسلامية تزودنا بالقيم والسلوكيات التي تبين أهمية سلامة البيئة في الإسلام إلى درجة أن جعلها الشرع وصفا جوهريا لمفهوم الفرد المسلم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ).
وعندما سأله أصحابه رضي الله عنهم يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ كان جوابه هو نفسه: (مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ).
وهناك توجيهات أساسية في ثقافتنا الإسلامية تحقق أمن البيئة وسلامتها تبين طرق الاستخدام الصحيح لإمكانات البيئة وموارد الطاقة فيها والإحاطة بإجراءات السلامة،منها:
– مراعاة ضوابط استخدام مرافق البيئة العامة ومنها (الطريق العام)، الذي يقر له الإسلام بأن له حقا على كل من يستخدمه، كما ورد في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:أن النبي  -صلى اللّه عليه وسلم- قال: (إياكم والجلوس بالطرقات). فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال: (فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه). قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر). هذه الضوابط الأربعة تمثل السلوك الوقائي في استخدام الطريق بما لا يؤدي إلى إعاقة السير أو إيذاء المارة أو وقوع الحوادث.
ويسأل الصحابي الجليل أَبُو بَرْزَةَ رسول الله -صلى اللّه عليه وسلم- يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ. ويكون جواب النبي -صلى اللّه عليه وسلم-  «اعْزِلْ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ».
– اتباع إجراءات السلامة في كافة المنشآت لا سيما في المنازل، وفي الحديث عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ إِذَا رَقَدْتُمْ وَغَلِّقُوا الْأَبْوَابَ وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ.  فإحكام غلق الممتلكات واحد من الأسباب المهمة لحمايتها من السرقة أو التخريب إلى جانب الحضور الأمني الذي تضاعفت أهميته في توفير الحماية، وكذلك الانتباه إلى مواقد الغاز وإحكام غلقها كما في حديث أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ فَحُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَأْنِهِمْ فَقَالَ إِنَّمَا هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ.
– سرعة استطلاع مصادر الخطر لاتخاذ الإجراءات المناسبة:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ وهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا …) فدل الحديث على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سبق إلى استطلاع الأمر كما دل على الحس الاجتماعي للمجتمع المسلم وجه أفراده إلى الإحساس بمسئوليته تجاه أمنه وسلامته، فبادروا كذلك لاستطلاع الأمر.
إن الإسلام يدعم كل إجراء من شأنه أن يكفل سلامة وأمن المجتمع من إجراءات أو أنظمة، ومن الضروري أن نعمق ثقافتنا بإجراءات السلامة التي تصدرها الجهات المختصة (الدفاع المدني)، والعمل على الالتزام بقواعدها، خاصة ما يتعلق منها بأخطار الكوارث والسيول والحرائق وطرق التعامل الأمثل مع حالات الطوارئ، وكذلك ما يرتبط بخطط الإخلاء والإنقاذ، ودعم كراسي الدراسات والأبحاث التي تنتظر الأيادي الخيرة من أهل الاقتدار.

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

بقلم الكاتب : نايف الفيفي.

بقلم | شهد مسند الهاجري

بقلم : أحلام الزهراني

بقلم / علي بن يحيى البهكلي

بقلم | حوراء الفايز

بقلم | أ.هديل العطني

بقلم : يحيى بن سعيد آل داوود

م. زكي الجوهر

بقلم / مبارك بن عوض الدوسري

التغريدات