• 01:49:30am

أحدث الموضوعات

مبيد البشر

تعليقات : 0

أصداء الخليج

عبد الله المديفر

فيلم الخمس والثلاثين دقيقة يكسر حاجز الثلاثة ملايين مشاهدة، ويَقدم بخطى مهرولة نحو المليون الرابع في عداد المنصة العالمية youtube وذلك في أقل من أربعة أيام؛ لأنه يقول لك ببساطة: احذر فقد تموت فجأة مسموماً، أو قد تعود إلى منزلك لتجد فلذات كبدك الغالية ينازعون الموت ولن يتمكن الأطباء من إنقاذهم من سم فوسفيد الألمنيوم القاتل.

فيلم «فوسفين» الذي أبحر مركب انتشاره في وسائل التواصل الاجتماعي على دموع آباء ميسرة، ومسرة، ورازان، وغيرهم من الأطفال الذين ماتوا مختنقين من هذا السم الذي يقتل ضحاياه بصمت خانق، فقرابة العشرين قتيلاً في السعودية قضوا لأنهم استنشقوا غاز «الفوسفين» الذي يؤدي عند استنشاقه لتعطيل مفعول كريات الدم الحمراء فتتحول لمادة شبه صلبة، وبالتالي تعجز عن نقل الأوكسجين إلى أعضاء الجسم، فتعجز عن أداء وظائفها ليصير قدرها المحتوم هو الوفاة.

لقد أبدع الشاب عبدالرحمن صندقجي -مخرج الفيلم- في إعطاء درس عملي لدور مؤسسات المجتمع المدني، ولم يستسلم للثقافة المجتمعية التي تعودك على سلوك: (دع الخلق للخالق)، ولم يردد قواعد الببغاوات المجتمعية: (فيها جهات مسؤولة عن التوعية)، بل أخذ بزمام المبادرة لأنه استشعر مسؤولية:  (العمل للمجتمع مسؤولية الجميع)، فالوطن ملك لنا جميعاً وعلينا العمل فيه جميعاً، والحكومة هي شريك عمل وليست محتكرا حصريا، ومؤسسات المجتمع المدني عليها أن تنهض بواجبها الشريك في بناء الوطن وعلاج مشكلاته.

معالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة تعالت له أكف التصفيق والثناء بعدما تفاعل مع الفيلم التوعوي وبادر بشكل سريع قائلا: (أشكر الجميع على فيديو «فوسفين وأدعوكم للإبلاغ عن أي محل يبيع مادة الفوسفين كمبيد للمنازل على ٨٠٠١٢٤١٦١٦)، وهذه ظاهرة صحية يتجاوب فيها المسؤول مع إعلام المواطن البسيط، ويرسم صورة حضارية لجمال التعاون بين السلطة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني لخدمة المواطن.

في هذا الفيلم كان هناك حضور بارز للدكتور وليد فتيحي الذي سبق له وأن أصدر كتيباً توعوياً عن نفس الموضوع، والزاوية التي تهمني هنا هي الفهم التقدمي لدور الطبيب، فالدكتور فتيحي لم يقتصر على دور الطبيب التقليدي بعلاج المرضى بل سارع إلى دور لا يقل أهمية عن ذلك بتوعية الناس حول الأخطار والأمراض، فساحات الإعلام التوعوي تفتقر للمقاتلين من ذوي المعاطف البيضاء، وخروجهم لخارج عياداتهم سيقلل من عدد الداخلين إليها.

فيلم «فوسفين» يعطي درساً بليغاً لممتهني الصحافة التلفزيونية، فهذا الفيلم الاستقصائي لم يكن ليحقق هذا النجاح لولا أنه احترم المهنية وطبق قواعد الصحافة التلفزيونية على أصولها، فكل الأطراف حاضرة، وثقافة الصورة الناطقة موجودة، والحس الإخراجي متكامل.

شكراً لهذا الفيلم الذي يرفع وعينا، فبالوعي المجتمعي نضيق الخناق على الفاسدين والمهملين الذين لم تطلهم يد القانون وغابت عنهم سلطة الرقيب.
رابط الفيلم لمن لم يشاهده …

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

التغريدات