
محمد العصيمي
كنت أستمع لواحد من فيديوهات (الغفلة) وليس الصحوة فوجدت من يصنف الناس على هواه وحسب منطلقاته الشخصية. فهذا إما علماني محترق إذا كان ممن يحسبون على الليبرالية، أو جاهل مغرور إذا كان ممن يحسبون على أهل الوعظ والفتوى. ولا أدري حقيقة كيف يصفصف مغمور، لا نعرفه ولا ندري ماذا درس أو ما هي خلفيته العلمية، هذه الأوصاف ويرسلها دون حياء عبر أثير العالمين، الواقعي والافتراضي، ثم يجد من يصفق له.
هناك موضوعات عديدة لايزال للناس فيها رأي وهم يختلفون حولها بقدر ما يسعهم هذا الاختلاف ولا يفرضون رأيا ولا أجندة من أي نوع. والمؤيدون رجالا ونساء وعلماء دين وكتاب وغيرهم، ليسوا في وارد أن يصفوا أي معترض على شيء بأنه علماني محترق أو جاهل مغرور وليسوا في حاجة لذلك لأنهم إنما يقدمون رأيهم وحججهم، قوية أو ضعيفة، وللناس تقدير الأمور التي تناسبهم والتي لا تناسبهم. أي أن (التعالم) ليس في وارد أي من العقلاء الذين يطرحون آراءهم في كثير من المسائل.
ولذلك أعتقد أن مما ابتلينا به في هذا الزمان الأغبر أسماء لم نسمع بها من قبل تأتي فتحكم فورا على هذا وذاك، إلى الدرجة التي أصبحت فيها ساحات الرأي الإلكترونية تكتظ بهذه الأسماء التي توزع صكوك الغفران والعذاب والعلمانية والجهل والغرور وما لا نهاية له من الأوصاف. وهذا سيدلنا، بطبيعة الحال، على أننا نتأخر كثيرا في الوقت الذي كنا نعتقد أننا نتقدم ونتجاوز هذه الإلغاءات والتصنيفات والأحكام المرسلة بدون تمحيص وتدقيق.
لقد تخيلت أن أوضع أنا (ومن على شاكلتي) في الأفواه التي تلوكنا باعتبارنا لقما سائغة يجوز مضغها وارتكاب النميمة في حقها، لكنني لم أتخيل أبدا أن تنضم إلى قافلتنا بعض أسماء المشايخ وقادة الرأي المعتبرين، الذين لم يوافقوا رؤية ورأي المتفردين بحقائق المكان والزمان. لكن ها نحن نرى كل يوم أسماء جديدة، لم تكن على البال، تنضم إلى أحد الركبين: العلمانيين المحترقين أو الجهلاء المغرورين والحبل على الجرار.