
عبدالله المديفر
في جوار منزلي نفق صغير تحت الإنشاء وضع أمامه لوحة حديدية فيها بيانات المشروع، والتي تقول: إن مدة إنهاء النفق هي ٦٠٠ يوم، وفي المقابل تقوم شركة أرامكو بإنجاز استاد رياضي ضخم في أقل من ٤٠٠ يوم، وبما أنني لا أفهم في المقاولات، فقد يكون إنهاء النفق عملية معقدة تفوق صعوبتها إنشاء استاد رياضي بحجم مدينة الملك عبدالله في جدة!!.
باعتقادي أن كلمة «أرامكو» لم يتداولها السعوديون منذ ثمانين عاماً كما تداولوها في الثمانية أيام الماضية، ولا يوجد مشروع تواصلي استطاعت الشركة النفطية العريقة التواصل من خلاله مع السعوديين كما تواصلت به في استاد الجوهرة المشعة، وذلك لأن الرياضة هي البضاعة الأسهل ترويجاً والسلعة الأكثر انتشاراً، وقد أحسنت شركة البترول استغلال هذه المناسبة وكانت حاضرة في عمق المشهد، وحققت عائدات معنوية ضخمة بين السعوديين، وهذا المشروع جعل أرامكو قريبة من الناس، وهذا ما لم يكن يحدث سابقاً، وكان الغموض والفجوة هي الشعار الذي يفهمه السعودي من تعامل أرامكو معه حتى لو ادعى المسؤول الأرامكوي غير ذلك، ولذا يجب أن يستمر هذا القرب، وأن تكون الجوهرة الجداوية بداية العلاقة الجديدة مع كافة السعوديين.
تسليم الأستاد الحديث بهذا الوقت القياسي لم يكن مفاجأة من العيار الثقيل في تقديري، فأرامكو وضعت حجر الأساس لجامعة الملك عبدالله “كاوست” في ثول في أكتوبر ٢٠٠٧ وتم افتتاح الجامعة في سبتمبر ٢٠٠٩، فالمشروع الضخم انتهى في أقل من سنتين، وما حدث في تسليم الاستاد الرياضي هو تأكيد للقاعدة وليس كسراً لها، فهي شركة قادرة على تسليم المشاريع النوعية الضخمة في وقت قياسي متى ما أرادت ذلك.
لقد نجحت أرامكو في مشاريعها لأنها ابتعدت عن المتاهة البيروقراطية في الدهاليس الحكومية، وقفزت فوقها لتأخذ الرؤية والتعميد من الملك مباشرة وتتجه بها لأرض العمل مباشرة، وليس سراً ما يتداوله أهل جدة من المقارنة الساخرة بين أعمال توسعة استاد الأمير عبدالله الفيصل من قبل بداية البناء في استاد الملك عبدالله ولم تنتهِ أعماله حتى الآن!، ومن الكلمات المهمة التي توقفت عندها وأعتبرها أحد أسرار النجاح القياسي ما عبر عنه المهندس محمود الحمد – وهو أحد المهندسين العاملين في المشروع – بأن أهم الصعوبات كانت التنسيق بين عدة أعمال مع عدة جهات، وأرامكو تملك آلية فعالة للتنسيق.
شركة المهيدب للمقاولات مع الشريك البلجيكي BESIX أثبتت أن التعثر ليس نتيجة حتمية للمقاول السعودي متى ما أديرت الأمور بعقلية أرامكوية، و٧٠٠٠ طن من الحديد في المدينة الرياضية تشهد على ذلك.
مستوى الثقة عند السعوديين بأرامكو عالية، ونجاح شركة الزيت العربية السعودية في قطاع إدارة المقاولات تدعوني لإطلاق دعوة لأرمكة المشاريع السعودية، وإطلاق يد أرامكو على إدارة براميل المشاريع غير النفطية في كل مجالات التنمية السعودية.