
نجيب بن عبدالرحمن الزامل
المناسبة: معرض روابي لاكتشاف المهن.
المكان: سايتك ـــ الخبر ـــ المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
المرجع: رسالة من الفتى سهيل المشارك في المعرض (سهيل ليس الاسم الحقيقي)
كان الفتى الصغير سهيل يرتب جناحه الصغير في المعرض وعندما رفع رأسه تجمّد قليلا .. كان الرجلُ الذي أمامه لا تخطئه العين، بملامحه الفيصلية التي رسمت إهابا خاصا على أبناء الراحل الملك فيصل، مع مسحة من الجدية الشاعرية. عدل الفتى الصغير قامته، وثبت قليلا، وألقى الأمير خالد الفيصل عليه السلام.
ويقول الفتى سهيل برسالته: “لم أرتبك، لم يعطني فرصة للارتباك، كان سهلاً سريع الوصول للتخاطب الذهني، ثم إنه كان على غير ما كنت أتوقع وأرى، فلم يأتِ إلا بسيطا وحده تقريبا أو اثنين كأنهما معه بالكاد ألاحظهما. ثم أكمل تجواله في المعرض الرئيس ومعرض الإبداع، ومعرض ورش العمل، وتناقش مع الفتية عن طموحاتهم وآمالهم وأحلامهم وتوقعاتهم، ثم التف حوله الشباب والتقطوا معه الصور، كل ذلك ـــ كما يتابع سهيل ـــ في انسياب سهل وحلو.”
هنا تنتهي رسالة الفتى سهيل المأخوذ بشخصية الأمير خالد الفيصل وزير التعليم. ومن ذاك المكان، ومن تلك اللحظة، ستتغير شخصية سهيل وتوقعاته، ونظرته، وسيكون لأول مرة يشعر أنه ضمن هذه الفيالق التي يديرها الرجل الكبير الذي رآه، ولأول مرة سيناصر وزيرا، لأنه صار له رمزاً شخصياً مباشراً. إن سهيل كاد أن يقول صديقي الأمير، لم يقل، ولكن الشعور الذي حملته السطور قال. لم تكن سطورا من تلك التي أتلقاها ويتلقاها غيري من الطلبة والطالبات، ومن المعلمات والمعلمين .. إنها لغة مشحونة ليست فقط بالاحترام، بل شيء مهم، يحرم منه شبابنا أمام الآلة الرسمية العملاقة، وهو الإحساس بالمشاركة.
إن ما فعله الأمير بزيارته، لربما فعله في زياراتٍ أخرى، وربما كان هناك عشرات أو مئات شعروا بتلك المشاعر التي ستشكل أرضية تأسيسية في عقل وقلوب أولئك الصغار. وإن هذا رغم أهميته الكبرى، لا يكفي!
لا يكفي، لا يعني أن يُقال للأمير: “حتى الآن لم تفعل شيئا” بل يؤمل أن تكون هذه بدايات الأشياء التي نطمح لها في العملية التعليمية في البلاد التي تعاني جروحا عميقة، يجب أن نعترف بها أولا كي نعالجها، فلا علاج في الدنيا لمرض لا تراه، أو لا تعترف بوجوده. خروج الأمير وببساطة غير متكلفة ولا مكلفة تجعله خفيف الحركة في التنقل، وسهل الوصول لقلوب الشباب الذين لا يستسيغون الفخامة والأبّهة والجلبة، ثم يرون أنه ما يقال من أجلهم .. هو أكثر ما همشّهم.
تواصل خروج الأمير من مكتبه ـــ وهذا ما نتوقعه ونرجوه ـــ سيجعله أقرب للمشاكل على الأرض وليس على الورق بعد أن تنقل بغير الصورة. هناك سيرى معاناة تلاميذ في فصل متهتّك، معاناة معلمة تترك بيتها لتترحل عشرات الأميال .. لمئات المعلقين في وظائفهم ودرجاتهم.
إن مسألة إدارة الناس تحتاج قلبا يشعر بهم، لا قلبا يتيبس خلف الإجراء والطاولة والتقارير .. وهنا مع “الفكر” .. نريد أيضا قلب الشاعر.