يقول الجنرال صالح النعيمة: ذهبنا إلى جدة عام 1989، لمنازلة النصر في نهائي كأس الملك، وكان الأصفر للتو قد توج ببطولة الدوري، كنت أتحدث لحسين البيشي مجاوري في الدفاع والغرفة وقلت له: إن نجحنا في مراقبة ماجد وسيطرنا عليه، من سيراقب الهريفي، ومحيسن، وخميس.
ويتذكر في كتابه “الكابتن”: كانت أطول ليلة في حياتي، لم أفكر في شيء غير النصر على النصر. بعد أعوام طويلة على قراءاتي لهذا الكتاب، واشتغالي بالإعلام لاحقا، قابلت النعيمة وسألته: كان النصر أقوى وأكثر هيبة وجاء لمنازلتكم وهو بطل الدوري وبأرقام قياسية يومها، كيف فزتم آنذاك وبالثلاثة؟ قال: النصر يومها ترسانة مخيفة من النجوم، رغم هذا قلت لفريقي قبل أن نبدأ: لا تهتموا بأي شيء غير الفوز، سنفوز، أتذكر أني جمعت اللاعبين وقلت لهم: انسوا كل الفروقات، بيننا وبينهم الكرة فقط، هم يلعبون كرة قدم ونحن مثلهم، ليس هناك شيء آخر، ولن نخسر، ويواصل القائد الأسطوري: قلت للاعبين، يجب أن يكون تركيزنا الذهني في أقصى حدوده، لن نسمح بخطأ فردي واحد، وسننتصر. ويعود الكابتن لتذكر تلك الليلة: توافرت لدينا رغبة جامحة وحقيقية في الفوز، تسلحنا بالعزيمة، كان هدفنا واضحا وعزيمتنا قوية، كنا يدا واحدة، لم نفكر في أي شيء آخر غير حماية مرمانا وضرب مرماهم بالأهداف وانتزاع الكأس، وفعلناها.
الأسطورة الكونية مارادونا، يقول في كتابه “الديجاو”: عندما ذهبنا إلى المكسيك في مونديال 1986، كانت الترشيحات تتجه إلى فرنسا التي يقودها بلاتيني، والبرازيل تحت قيادة زيكو، ويواصل حديثه: لم يكن أحد يرشحنا، قال لي المدرب بيلاردو: “دييجو ستكون القائد والزعيم في فريقنا، أنت الروح التي تسكننا وتحمي حلمنا من الآخرين”. ويتابع الرجل الذي لم تعرف الكرة قدما مثل قدمه مذ عرفها الناس: لم نكن الأفضل بين الفرق، لكننا كنا نمتلك شيئا ليس لديهم، في كل مباراة لعبناها، كانت لدينا رغبة تتعاظم في الفوز، لم يستطع أحد إيقافها حتى بلغنا الكأس، أحيانا كنت أشعر أن هناك أرواحا تمدني بالقوة وتدفعني للفوز والنصر، حتى عندما حاصرنا الألمان في النهائي وتعادلوا معنا، قلت لبورتشاجا، سنسجل ولن يستطيعوا اللحاق بنا هذه المرة. ويتابع دييجو: في اللحظة التي مررت كرة الهدف الأخير له، ورغم اصطفاف البشر وتعالي أصواتهم في الملعب، وبورتشاجا يجري خلف التمريرية الطويلة، لم أكن أرى شيئا غير علم الأرجنتين يرفرف والابتسامات تحيط به، لقد انتصرنا بروح الأرجنتين بلادي العظيمة.
.. العملاق السعودي الكبير ماجد عبد الله يتذكر نهائي 1995، أمام الهلال، ويقول: لم يبق من اللاعبين الذين لعبوا في النهائي غيري أنا ومحيسن والهريفي والمطلق، ويتابع: أصدقك القول لم نعرف كيف خسرنا في النهائي الأول، لقد فاجأونا، وكان حظا غائبا يومها، لذلك قلت للاعبين لن نسمح لهم مرة أخرى، سنصنع حظنا بأيدينا، هذه مباراتنا وهذه كأسنا، دخلنا إلى الملعب وكلنا رغبة تتفجر، لا يفصلنا عن الفوز إلا صافرة الختام، ويختم بفرح: سددنا الفاتورة، وردينا الثلاثة بثلاثة مثلها، نجحنا بالرغبة والتصميم والتركيز العالي، تسعون دقيقة لم يغفل لاعب منا في ثانية واحدة عن دور من أدواره المرسومة.
مباريات الديربي والنهائيات، تحتاج إلى التكتيك والقدرات الفنية، لكنها تأتي في مرتبة لاحقة بعد الروح والرغبة، والتركيز العالي، الخطأ في مباريات الذهب، لا يرحم، والتعويض أصعب من البداية نفسها.
اليوم .. من أراد الفوز من النصراويين والهلاليين، عليه أن يتسلح بروح مارادونا في مونديال المكسيك، ورغبة النعيمة وزملائه في نهائي 1989، وأن يتسم بالحضور الذهني العالي الذي كان عليه ماجد ورفاقه في نهائي 1995، إنه يوم الذهب، والذهب لا يخضع إلا بقتال ينتصر فيه الشجعان فقط.