• 11:43:01pm

أحدث الموضوعات

حُلُمٌ في اليقظة

تعليقات : 0

أصداء الخليج
بقلم / د. محمد إياد العكاري

أغمضت عينيَّ ذاتَ مساءٍ لأغفو وأصحو على حُلًمٍ جميل،حيث استعرض الحُلُمُ سنينَ حياتي في هذه البلدة الطيبة الأحساء تلك الواحة الكحلاء،سيدة نخيل الدُّنيا، وعروسة الواحات اللمياء،وأرحبهنَّ صدراً ، وأجملهنَّ وجهاً ، حيث الإشراق مرآها، والبِشرُ  مُحيَّاها، والطلاقة لقياها االله ..االله..ماأجمل هذا الحُلُم وأسناه، وأجمل مامرَّ فيه وأحلاه،وأندى ذكرياته وآنَسُها ،وددتُ أنِّيَ لم أصحو !!

لقد مرَّ بعجلٍ ولم أشعربه أو أستغرقْ فيه!! ليمضي سريعاً كالبرق دون تمهُّلٍ ولاأَنَاةٍ !!لأتساءلَ بيني وبين نفسي عن الذي كان!؟
أأأنا في حُلُمٍ أم حقيقة!؟
سبحان لله .. سبحان الله ..أهكذا يمرُّ العمُرُ كأنَّه لمحة نَظَرٍ أو بقايا حُلُم ؟!
أهكذا الزَّمانُ يمرُّ يخفقُ بشهورِهِ وسنينهِ ليعبر في حياتنا وكأنَّهُ طيرٌ لانشاهده إلا مرَّة واحدة،ولانكادُ نلمحه في رحب السَّماء؟!
أو لكأنَّ مرَّ السِّنين علينا كما لو أنَّك تعدُّ بنان أصابعك في حالة اليقظة!؟ ياالله ياالله لطفك وألطافك ، وسترك وفضلك،اجعلها زاداً لنا ولاتجعلها علينا ياالله بمنِّكَ وتوفيقك ،اللهم ألهمنا الرُّشد في حياتنا وحيث كُنَّا فهي رحلةٌ وسَفَرٌ ، وأمانةٌ ورسالة ٌ للمرء يؤديها ويكتبها بأعماله في حياته.. أجل
فهاأَنَذا انتصف العام الرابع والأربعون لي في الأحساء و في المملكة العربية السعودية، أدام الله عليها الأمْنَ والإيمانَ والسَّلامَةَ والإسلام
اللهمَّ آمين …أجل أربعٌ وأربعون سنة لي في الأحساء تحديداً زادها الله أَلَقاً وجمالاً ، ورِفعةً وكمالاً قضيتها هنا في الأحساء بين أهلي ومعارفي، ومع صحبي وخِلَّاني، وإخوتي وأحبابي،عشتها مع مراجعيَّ ومرضايَ أخاً وطبيباً،ومواسياً وصديقاً،وجاراً ورفيقاً ، وشاعراً وأديباً،أوبعٌ وأربعون عاماً مرَّت بما فيها من أحداثٍ وذكريات، وقَصَصٍ وأمسيات،وأخبارٍ وحكاياتٍ، وأنباءٍ ورواياتٍ …. ياالله مضت هنا في الأحساء في هذه البلدة الطيبة والتي كان قُدُومي لها دعوةٌ صالحةٌ من أمِّي لي ،طوت عنان السَّماء… بنداها وًحسها وصداها ونبضهافكان ماكان …رحمها الله وطيب ثراها وتقبَّلها في علِّيِّين.
 قالت لي بعد عزمي على السَّفَر من الشَّام لفرنسا قالت:
(روح ياابني إن شاء الله وين ماتروح يبعتلك ناس أحنّ من أمك وأبيك عليك ،وإن شاء الله ياابني الأرض تنبعلك والسَّما تكتّلك)
كان هذا قبل مغادرتي الشَّام بأيَّام ،وقبل فراقي لها ، و ابتعادي عنها ، الشَّامُ الشَّامُ ريحانة فؤادي ، وياسمينةُ روحي، وقَرُنْفُلةُ مشاعري ، ميلادي وطفولتي ، شقوتي وبهجتي ،دراستي وجامعتي ، أهلي وموطني أجل ابتعدت عن الشام الأرض المباركة التي باركها المولى من فوق سبع سماواته هذا مادعَتْ لي والدتي الحبيبة رحمها الله وجمعني بها في حنَّات عدنٍ اللهم آمين لأنتقل إلى دارٍ قال لهمُ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلَّم عندما قدم وفدهم وفدعبد القيس عليه قال:((مرحباً بالقوم أو بالوفد غيرَخزايا ولا ندامى))وهذا رواه ابن عباس وأخرجه البخاري جئت إلى الأحساء بلدة البشر والطيب، والمودَّة والمروءة تلك التي مدحها حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلَّم وأثنى على وفد عبد القيس وذكرهم بخير .
أربعٌ وأربعون عاماً مرَّت حيث كان قُدومي للمملكة في شهر ربيع الأول على سيدي رسول الله أفضل الصَّلاة والتَّسليم بتاريخ 21/3/1402هـ
وكان حفل تكريمي من قبل أدباء الأحساء بإثنينية النُّعيم الثَّقافية بتاريخ 12/3/1427هـ وبعد ربع قرنٍ لي في الأحساء زد عليها ربع قرنٍ لي في الشام حيث كنت في الخمسين من عُمُري في حفل تكريمي كان هذا بمزرعة الشيخ حسن العفالق رحمه الله،والآن مرَّت السنون كأنها لمحة بصر أو حُلُمٌ سريع  ماتركني أتأمَّلُ فيه لأتذكَّر ابتداءً مباشرة عملي بالحرس الوطني بالأحساء حيث كنت أول طبيبٍ للحرس الوطني بالأحساء ومباشرتي فيه عام 1402هـ زاده الله رفعةً ومَنَعةً وماأجملَ وأحلى أيَّامي وذكرياتي  فيه،
لأنتقل بعدها للعمل في عيادتي الخاصة التي افتتحتها في المبرز في الأحساء عام 1413هـ لمايقربُ من ربع قرنٍ من الزَّمان معالجاً ومواسياً ، مؤانساً ومُطبِّباً ، ثم لأنتقل بعدها إلى مجموعة قلائد الدُّر مشرفاً لأستقرَّ أخيراً طبيباً معالجاً في قلائد الدُّر لطب الأسنان لأعمل في مهنتي التي أحببتها وأحبَّتني ،و عشقتها وعشقتني طب الأسنان
أربعون عاماً وبضع سنين مضت كأنَّها خيلٌ مُحجَّلةٌ في مِضمارِ سِباقٍ تُسابِقُ الرِّيح في تلك الواحة الغنَّاء ، بظلالها وسهولها ، وجبالها ومزارعها ، الواحةُ التي أحببتها من قلبي وعشقتها، الكريمةُ بأهلها ونخيلها ،الأصيلة بتراثها وجُدُودها،العريقة بأخلاقها وأُصُولها،والحبيبةُ بأُنسها وعُيُونِها، تلك العروس النَّجيبة التي قلت فيها :
عروسٌ لي وماقدَّمْتُ مَهْرا   = ولوْ أَمْهَرْتُ ماوَفَّيْتُ قَدْرا
لسانُ الحالِ يهْتُفُ بالسَّجايا  = وينبُضُ بالهَوَى عِشْقاً وسِحْرا
وقَلْبي شَفَّها بين الحَنَايا = وخطَّ الحُبُّ في الجَنْبَيْنِ سِفْرا
وتألفُ مُهْجَتي وتَقَرُّ نَفْسي = ويأْنَسُ خافقي ليبوحَ شِعْرا
وطابَ ليَ المَقامُ بصفْوِ ودٍّ = بِكُنْهِ الرُّوحِ سُكناها استقَرَّا
رحلة عُمُرٍ لي ماأبهاها وأسناها ،وأحلاها وأنداها قضيتها في غُربةٍ ولاغُربة..وفي سَفَرٍ ولاأثَرَ للسَّفَر،حيث الطِّيبُ والبِشرُ، والبَهاءُ والجَمال، والمودَّة والوِصال،والأخوُةُ والمروءة ،
هذه هي الأحساءُ التي
ملكت الحنايا ، وسكنت شغاف قلبي، وتشربتها روحي فسلبت مني نفسي وحسي
وتلك التي عشت في أحضان واحاتها و نخيلها،وأسست وشاركت في أغلب منتدياتها الأدبية
وأقمت العديد من الأمسيات مع شعرائها وأدبائها
وتلك هي التي عالجت أهلها وهم أهلي بطبي ودّنِّي ، ونفحتهم أصدق الودَّ بروحي وفنِّي
 ومادعت لي والدتي أراه رأي العين ماثلاً أمامي حاضراً في حياتي رحمها الله
لأقول في ختام تلك القصيدةٍ لي عن الأحساء والتي عنوانها وياطيبَ المَقامِ بدارِ هَجرٍ
كأنِّي في الشَّـآم وبين أهلـي = بصـدقِ الـودَّ والأشـواقُ حـرَّى
ففي هَجْرٍ فؤادي جَمْرُ صَبٍ = وعند الشَّام جمـرُ الصَّـبِّ أورى
فـلا واللهِ مـا جافيْتُ أصلي = ولا واللهِ مـا بالغـتُ نــزرا
أقـولُ واُسمـعُ الدُّنيـا وجيباً = وتحكي مهجتي الأعماقَ جهرا
فحيث أرى الأخوةَ هامَ قلبي = وحيث سنا الكرامة عشتُ عُمرا
أبيتُ مع المروءةِ حيث ألقى = وأحيـا بالإبـاءِ الدَّهْـرَ حـُـرَّا
منابتنـا على الإسـلام عــــزٌّ = دعـائمنـا الإخـاء ولا أبـرَّا
نعيـشُ وجنَّـةُ الدُّنيـا قلـوبٌ = وتسمـو الـرُّوحُ بالأخلاقِ طُهرا
*****
حيـاتي في (المبـرَّز) بين أهلـي = وأهفـو (للهفـوف) وليـس سـرا
إذا ما عشت فالأحساء نبضي = وان جـاء النَّذيـرُ تطيبُ قبـرا
ويـا طيـبَ المقامِ بدارِ هـَجْــرٍ = تعيشُ بمهجتي دهـراً فدهرا وبعدها
أسألُ الله الذي أقامني هنا في الأحساء لأربعين سنة وبضع سنين  بعد الشَّام التي عشت فيها ربع قرنٍ من الزَّمان  أن يصلح حالي وقلبي وعملي ليكون  في رضاه ، ويُلهمني رشدي ليكون على هديه وتقواه،وأن يسخّرني لعملٍ يرضى به عني    ويغفر لي زلاتي وتقصيري وطمعي بعفوه وغفرانه وفضله وكرمه فليس لي من زادٍ إلا رحمته اللهم ياصاحب الفضل والجود ياأرحم احمين ياالله اختم لي بالحسنى والحمد لله رب العالمين
د. محمد إياد العكاري.
٧/١٠/١٤٤٥هجري

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    رؤية طموحة وتحقيق إنجازات عظيمة
    زاوية رئيس التحرير : سلمان بن أحمد العيد

    يوسف أحمد الحسن

    د. محمد إياد العكاري

    بقلم الكاتبة / د. وسيلة محمود الحلبي

    م.عصام بن عبد اللطيف الملا

    بقلم : أنفال العثمان

    الاميرة : هيام بنت غالب بن احمد بن فرحان

    يوسف أحمد الحسن

    بقلم / د. هند خليل مروان

    بقلم : فاطمه زكي الحبيب

    التغريدات